غزة- بين أنانية حماس ومعاناة شعب لا يرحم
المؤلف: بشرى فيصل السباعي08.27.2025

إن الكلمات القاسية كالجهنم والكابوس والإبادة الجماعية تعجز عن وصف هول المحنة التي يعيشها سكان غزة الأبرياء، فبمجرد سعيهم للحصول على كيس طحين زهيد، يواجهون خطر الموت المحقق على أيدي مرتزقة مؤسسة (GHF) الذين نصبوا أنفسهم بديلاً لوكالة الأونروا، فيقتلون الفلسطينيين العزل بدم بارد وهم متجمعون لتلقي المساعدات الإنسانية الملطخة بالدماء، لذا، فإن تجاوز الحصار الظالم وإسقاط المساعدات جواً بات ضرورة ملحة لإنقاذ ما تبقى من أرواح، فغزة قد تحولت إلى خراب ودمار شامل، وأهلها يعيشون في تشرد وبؤس منذ عامين كاملين، محرومين من التعليم وفرص العمل الكريمة، وفي وقاحة منقطعة النظير، أعلن نتنياهو جهاراً نهاراً أنه سواء تم التوصل إلى اتفاق هدنة لمدة شهرين أم لا، فإن الحرب الشعواء لن تتوقف حتى تستسلم حماس وتعلن عن تسليم سلاحها وتفكيك بنيتها التحتية، إلا أن حماس ترفض بشدة التخلي عن سلاحها الذي تعتبره رمزاً للمقاومة، كما ترفض التخلي عن السلطة في غزة حتى لصالح السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وأهل غزة وحدهم يدفعون الثمن الباهظ لهذه المواقف المتصلبة.
الوضع الراهن باختصار شديد؛ إما أن تستمر حماس في إصرارها على التضحية بشعبها المغلوب على أمره، حتى يفنى عن بكرة أبيه جوعاً وعطشاً ومجازر مروعة وأوبئة فتاكة، وذلك مقابل الحفاظ على سلاحها وسلطتها الزائلة، أو أن تضحي بنفسها من أجل إنقاذ شعبها الجريح، وتعلن التخلي عن الحكم لصالح السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مقابل وقف فوري لإطلاق النار ومنع احتلال غزة، ومنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها الشيطانية لحبس أهل غزة في معسكر اعتقال على الطراز النازي البغيض، لإجبارهم قسراً على الهجرة الجماعية خارج أرضهم التاريخية، ففي نهاية المطاف، ستنفد ذخائر حماس ومواردها العسكرية، ولذا فإن تضحيتها بشعبها الأعزل من أجل الحفاظ على سلاحها وسلطتها، سيكون أمراً عبثياً لا طائل من ورائه، لأنه ليس لديها أي مصادر خارجية يمكنها تزويدها بالذخائر والعتاد، وإن كانت حماس لا ترحم شعبها وتأبى أن تنظر إلى معاناته بعين الرحمة، فيجب على العرب التدخل الفوري للضغط عليها بكل الوسائل الممكنة، لكي ترحم شعبها المضطهد وتضحي بنفسها من أجله، فالثمن الباهظ الذي يدفعه أهل غزة الأبرياء ثمناً لعملياتها العسكرية غير المجدية لا يستحق كل هذه التضحيات، فمقابل كل جندي إسرائيلي واحد تقتله حماس، يُقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، ويعتقل الآلاف ويتم تعذيبهم بوحشية واغتصابهم حتى الموت، كما حدث لرئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء بغزة الدكتور عدنان البرش، الذي تعرض لأبشع أنواع الاعتداء والتعذيب حتى فارق الحياة في أحد المعتقلات الإسرائيلية، وقد أعلنت الأمم المتحدة في تقرير رسمي أن إسرائيل تستخدم الاعتداءات الجنسية على الفلسطينيين من كلا الجنسين «كأداة حرب» قذرة لنشر الرعب والذعر في قلوب الشعب الفلسطيني.
لذا، أفتى الشيخ الألباني رحمه الله بتحريم العمليات العسكرية في فلسطين، نظراً لعواقبها الوخيمة على الشعب الفلسطيني، وفي أعقاب عملية 7 أكتوبر المشؤومة، أصدرت إسرائيل قراراً تعسفياً بمنع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من المشي، وأجبرتهم على الزحف على أربع على الأرض كالبهائم، مع تعريضهم لأبشع أنواع التعذيب لدرجة تتطلب بتر أطرافهم رغماً عنهم، ومقابل كل أسير يتم الإفراج عنه في صفقات تبادل الأسرى، تعتقل إسرائيل الآلاف من أهل غزة الأبرياء، وهم ليسوا ضمن صفقات تبادل الأسرى ولا أحد يتفاوض للإفراج عنهم، ويومياً يعلن عن مقتل أسرى من أهل غزة في المعتقلات الإسرائيلية، ولاحقاً تقوم إسرائيل باغتيال أو إعادة اعتقال الأسرى المحررين في صفقات تبادل الأسرى في انتهاك صارخ للقانون الدولي والإنساني، وهناك مقطع فيديو مؤثر لرجل من أهل غزة يصرخ بأعلى صوته بأنهم يتعرضون للإذلال والمهانة في مخيمات التشرد، حتى لقضاء الحاجة في الحمام، فأي عزة وكرامة جلبتها عمليات حماس لشعبها المكلوم؟
لذا، هذا الوضع المأساوي يجب أن لا يستمر، ولا يجوز أن يترك أهل غزة تحت رحمة حسابات حماس الأنانية التي لا يهمها سوى الحفاظ على سلاحها وسلطتها على الشعب الذي استجلبت عليه الدمار والمجازر والتجويع والأسر والاغتصاب بعملياتها العبثية العدمية، ولا يوجد أدنى حق لمسؤولي حماس الذين يقيمون بأمان ورفاه في الخارج أن يستبدوا بقرارات مصيرية يدفع ثمنها الشعب المحاصر في غزة، فالعرب يجب أن يتدخلوا لإنقاذ الشعب الفلسطيني من براثن حماس ونتنياهو، اللذين يمثلان المطرقة والسندان اللذين يسحقان أهل غزة ولا أحد يبالي بعذابهم ومعاناتهم، فحسابات أهل غزة على مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالرفض لحماس وسياساتها، وبالاستنجاد بالعرب لكي يخلصوهم من استبداد حماس بمصيرهم، وأوقح الوقاحة والسيكوباتية أن تجد ردوداً في حسابات أهل غزة تخونهم وتتهمهم بالعمالة، لمجرد أنهم يرفضون الجحيم الذي استجلبته عليهم حماس بقراراتها الطائشة.